فصل: 1- حسن معاشرتها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.نفقة المعتدة:

وللمعتدة الرجعية، والمعتدة الحامل النفقة، لقول الله سبحانه في الرجعيات: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم}.
ولقوله في الحوامل: {وإن كن أولات حمل فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن}.
وهذه الآية تدل على وجوب النفقة لجامل - سواء أكانت في عدة الطلاق الرجعي، أم البائن، أو كانت عدتها عدة وفاة - أما البائنة فإن الفقهاء اختلفوا في وجوب النفقة لها، إذا لم تكن حاملا على ثلاثة أقوال:
1- أن لها السكنى ولا نفقة لها، وهو قول مالك والشافعي، واستدلوا بقول الله تعالى: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم}.
2- أن لها النفقة والسكنى، وهو قول عمربن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز، والثوري، والأحناف، واستدلوا على قولهم هذا بعموم قوله تعالى: {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم}.
فهذا نص في وجوب السكنى، وحيثما وجبت السكنى شرعا وجبت النفقة لكون النفقة تابعة لوجوب الاسكان في الرجعية، وفي الحامل، وفي نفس الزوجية.
وقد أنكر عمر وعائشة رضي الله عنهما على فاطمة بنت قيس الحديث الذي أوردته، وقال عمر: لانترك كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة، لا ندري لعلها حفظت أم نسيت.
وحين بلغ فاطمة ذلك قالت: «بيني وبينكم كتاب الله».
قال الله تعالى: {فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا} فأي أمر يحدث بعد الثلاث!.
3- أنه لانفقة لها ولاسكنى، وهو قول أحمد، وداود، وأبي ثور، وحكي عن علي، وابن عباس، وجابر، والحسن، وعطاء، والشعبي، وابن أبي ليلى، والاوزاعي، والإمامية.
واستدلوا بما رواه البخاري، ومسلم، عن فاطمة بنت قيس قالت: «طلقني زوجي ثلاثا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجعل لي نفقة ولاسكنى».
وفي بعض الروايات: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما السكنى والنفقة لمن لزوجها عليها الرجعة».
وروى أحمد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي: «أنه قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نفقة لك، إلا أن تكوني حاملة».
نفقة زوجة الغائب: جاء في القانون رقم 25 لسنة 1920 مادة: إذا كان الزوج غائبا غيبة قريبة، فإن كان له مال ظاهر نفذ الحكم عليه بالنفقة في ماله، وإن لم يكن له مال ظاهر أعذر إليه القاضي بالطرق المعروفة وضرب له أجلا، فإن لم يرسل ما تنفق فيه زوجته على نفسها، طلق عليه القاضي بعد مضي الاجل.
فإن كان بعيد الغيبة لا يسهل الوصول إليه، إذ كان مجهول المحل، أو كان مفقودا، وثبت أنه لامال له تنفق منه الزوجة، طلق عليه القاضي الحقوق غير المادية:
تقدم أن من حقوق الزوجة على زوجها منها ما هو مادي: وهو المهر والنفقة، ومنها ما هو غير مادي وهو ما نذكره فيما يلي:

.1- حسن معاشرتها:

أول ما يجب على الزوج لزوجته إكرامها، وحسن معاشرتها، ومعاملتها بالمعروف، وتقديم ما يمكن تقديمه إليها، مما يؤلف قلبها، فضلا عن تحمل ما يصدر منها والصبر عليه.
يقول الله سبحانه: {وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا}.
ومن مظاهر اكتمال الخلق، ونمو الايمان أن يكون المرء رقيقا مع أهله، يقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه: «أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم».
وإكرام المرأة دليل الشخصية المتكاملة، وإهانتها علامة على الخسة واللؤم.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهن إلا لئيم».
ومن إكرامها التلطف معها، ومداعبتها.
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتلطف مع عائشة رضي الله عنها فيسابقها، تقول: سابقني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم، سابقته فسبقني. فقال: «هذه بتلك السبقة». رواه أحمد، وأبو داود.
وروى أحمد، وأصحاب السنن، أنه صلى الله عليه وسلم قال: «كل شيء يلهو به ابن آدم، فهو باطل، إلا ثلاثا: رميه عن قوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، فإنهن من الحق».
ومن إكرامها أن يرفعها إلى مستواه، وأن يتجنب أذاها، حتى ولو بالكلمة النابية.
فعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال:
«أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت».
والمرأة لا يتصور فيها الكمال، وعلى الإنسان أن يتقبلها على ماهي عليه.
يقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرا، المرأة خلقت من ضلع أعوج وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج» رواه البخاري، ومسلم.
وفي هذا إشارة إلى أن في خلق المرأة عوجا طبيعيا، وأن محاولة إصلاحه غير ممكنة، وأنه كالضلع المعوج المتقوس الذي لا يقبل التقويم. ومع ذلك فلابد من مصاحبتها على ماهي عليه، ومعاملتها كأحسن ما تكون المعاملة، وذلك لايمنع من تأديبها وإرشادها إلى الصواب إذا اعوجت في أي أمر من الأمور.
وقد يغضي الرجل عن مزايا الزوجة وفضائلها، ويتجسد في نظره بعض ما يكره من خطالها، فينصح الإسلام بوجوب الموازنة بين حسناتها وسيئاتها، وأنه إذا رأى منها ما يكره - فإنه يرى منها ما يحب.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «: لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا، رضي منها خلقا آخر».

.2- صيانتها:

ويجب على الزوج أن يصون زوجته، ويحفظها من كل ما يخدش شرفها، ويثلم عرضها، ويمتهن كرامتها، ويعرض سمعتها لقالة السوء، وهذا من الغيرة التي يحبها الله.
روى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي العبد ما حرم عليه».
وروى عن ابن مسعود أنه صلوات الله وسلامه عليه قال: «ما أحد أغير من الله، ومن غيرته حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وما أحد إليه المدح من الله، ومن أجل ذلك أثنى على نفسه، وما أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك أرسل الرسل مبشرين ومنذرين».
وروى أيضا أن سعد بن عبادة قال: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح.
فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: «أتعجبون من غيرة سعد. لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله، حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن».
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يدخلون الجنة: «العاق لوالديه، والديوث، ورجلة النساء» رواه النسائي والجزار، والحاكم، وقال: صحيح الاسناد.
وعن عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا يدخلون الجنة أبدا: الديوث، والرجلة من النساء، ومدمن الخمر. قالوا: يارسول الله: أما مدمن الخمر فقد عرفناه. فما الديوث؟ قال: الذي لا يبالي من دخل على أهله. قلنا: فما الرجلة من النساء؟ قال: التي تتشبه بالرجال». رواه الطبراني. قال المنذري: ورواته ليس فيهم مجروح.
وكما يجب على الرجل أن يغار على زوجته، فإنه يطلب منه أن يعتدل في هذه الغيرة، فلا يبالغ في إساءة الظن بها.
ولا يسرف في تقصي كل حركاتها وسكناتها ولا يحصي جميع عيوبها، فإن ذلك يفسد العلاقة الزوجية، ويقطع ما أمر الله به أن يوصل، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أبو داود، والنسائي، وابن حبان عن جابر بن عنبرة: «إن من الغيرة ما يحبه الله، ومنها ما يبغضه الله، ومن الخيلاء ما يحبه الله، ومنها ما يبغضه الله، فأما الغيرة التي يحبها الله: فالغيرة في الريبة، والغيرة التي يبغضها الله: فالغيرة في غير ريبة والاختيال الذي يحبه الله اختيال الرجل بنفسه عند القتال، وعند الصدمة، والاختيال الذي يبغضه الله الاختيال في الباطل».
وقال علي كرم الله وجهه: لا تكثر الغيرة على أهلك، فترامى بالسوء من أجلك.

.إتيان الرجل زوجته:

قال ابن حزم: وفرض على الرجل أن يجامع امرأته، التي هي زوجته، وأدنى ذلك مرة في كل طهر، إن قدر على ذلك.
وإلا فهو عاص لله تعالى.
برهان ذلك قوله عز وجل: {فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله}.
وذهب جمهور العلماء الى ما ذهب إليه ابن حزم من الوجوب على الرجل ذا لم يكن له عذر.
وقال الشافعي: لا يجب عليه، لأنه حق له، فلا يجب عليه كسائر الحقوق.
ونص أحمد على أنه مقدر بأربعة أشهر، لأن الله قدره في حق المولي بهذه المدة، فكذلك في حق غيره.
وإذا سافر عن امرأته، فإن لم يكن له عذر مانع من الرجوع، فإن أحمد ذهب إلى توقيته بستة أشهر.
وسئل: كم يغيب الرجل عن زوجته؟ قال: ستة أشهر.
يكتب إليه، فإن أبى أن يرجع فرق الحاكم بينهما.
وحجته ما رواه أبو حفص باسناده عن زيد بن أسلم قال: بينما عمربن الخطاب يحرس المدينة، فمر بامرأة في بيتها وهي تقول:
تطاول هذا الليل واسود جانبه ** وطال علي أن لا خليل ألاعبه

والله لولا خشية الله وحده ** لحرك من هذا السرير جوانبه

ولكن ربي والحياء يكفيني ** وأكرم بعلي أن توطأ مراكبه

فسأل عنها عمر، فقيل له: هذه فلانة، زوجها غائب في سبيل الله، فأرسل إليها تكون معه، وبعث إلى زوجها فأقفله، ثم دخل على حفصة، فقال: يا بنية. كم تصبر المرأة عن زوجها؟.
فقالت: سبحان الله! مثلك يسأل مثلي عن هذا؟.
فقال: لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك.
قالت: خمسة أشهر. ستة أشهر.
فوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر.
يسيرون شهرا، ويقيمون أربعة أشهر، ويسيرون راجعين شهرا.
وقال الغزالي من الشافعية: وينبغي أن يأتيها في كل أربع ليال مرة، فهو أعدل، لأن عدد النساء أربعة، فجاز التأخير إلى هذا الحد.
نعم ينبغي أن يزيد، أو ينقص حسب حاجتها في التحصين، فإن تحصينها واجب عليه، وإن كان لا تثبت المطالبة بالوطء، فذلك لعسر المطالبة والوفاء بها.
وعن محمد بن معن الغفاري قال: أتت امرأة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالت: يا أمير المؤمنين: إن زوجي يصوم النهار، ويقوم الليل، وأنا أكره أن أشكوه - وهو يعمل بطاعة الله عز وجل - فقال لها: نعم الزوج زوجك، فجعلت تكرر هذا القول ويكرر عليها الجواب.
فقال له كعب الاسدي: يا أمير المؤمنين هذه المرأة تشكو زوجها في مباعدته إياها عن فراشه، فقال عمر: كما فهمت كلامها فاقض بينهما.
فقال كعب: علي بزوجها، فأتي به، فقال له: إن امرأتك هذه تشكوك.
قال: أفي طعام، أو شراب؟ وقال: لا، فقالت المرأة: يا أيها القاضي الحكيم رشده ألهى خليلي عن فراشي مسجده زهده في مضجعي تعبده فاقض القضا، كعب، ولا ترده نهاره وليله ما يرقده فلست في أمر النساء أحمده فقال زوجها: زهدني في النساء وفي الحجل أني امرؤ أذهلني ما نزل في سورة النحل وفي السبع الطول وفي كتاب الله تخويف جلل فقال كعب: إن لها عليك حقايا رجل نصيبها في أربع لمن عقل فأعطها ذاك ودع عنك العلل ثم قال: إن الله عز وجل قد أحل لك من النساء مثنى وثلاث ورباع فلك ثلاثة أيام ولياليهن تعبد فيهن ربك، فقال عمر: والله ما أدري من أي أمريك أعجب؟.
أمن فهمك أمرهما، أم من حكمك بينهما؟ اذهب فقد وليتك قضاء البصرة.
وقد ثبت في السنة أن جماع الرجل زوجته من الصدقات التي يثيب الله عليها.
روى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «...ولك في جماع زوجتك أجر قالوا يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر! فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر».
ويستحب المداعبة، والملاعبة، والملاطفة، والتقبيل، والانتظار حتى تقضي المرأة حاجتها.
روى أبو يعلى عن أنس بن مالك: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جامع أحدكم أهله فليصدقها، فإذا قضى حاجته قبل أن تقضي حاجتها فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها» وقد تقدم: «هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك».